صحا من النوم دفعةً واحدة.
فتح النافذة على ضوء فاتر و سماء صافية و هواء معافى.
تحسَّس جسده، عضواً عضواً،
فوجده سليماً. نظر إلى الوسادة ولم يرَ شعراً تساقط في الليل.
نظر إلى الملاءة ولم يرَ دماً.
فتح جهاز الترانزستور ولم يسمع خبراً عن قتلى جدد في العراق و غزة و أفغانستان.
ظنَّ أنه نائم، فَرَكَ جفنيه أمام المرآة و تعرَّف إلى وجهه بسهولة.
هتف: أنا حيّ. مشى إلى المطبخ لإعداد القهوة.
وضع ملعقةً من العسل في كأس الحليب الخالي من الدَّسَم.
رأى على الشرفة كناريّاً زائراً يقف على حوض زهور نسي أن يسقيها.
قال للكناريّ: صباح الخير، و نثر حوله فتات خبز.
طار الكناريّ وحطَّ على فَنَنِ شجيرة وغنَى.
مرة أخرى، ظن أنه نائم.
نظر إلى المرآة ثانية و قال: أنا هو. استمع إلى نشرة أخبار جديدة.
لا قتلى جدداً في أي مكان. فرح بهذا الصباح الشاذ.
قاده الفرح إلى طاولة الكتابة وفي باله سطر واحد: “أنا حي بالرغم من أنني لا أشعر بالألم”.
كان ممتلئاً بشغف الإنشاد لصفاءٍ بِلَّوْريّ هبط عليه من مكان بعيد: من مكانه هذا!
وحين جلس إلى طاولة الكتابة وجد السطر مكتوباً على ورقة بيضاء:
“أنا حيٌّ على الرغم من أنني لا أشعر بالألم”.
لم يظن هذه المرة من أنه نائم. كان متأكداً من ذلك!