منذ العصور السحيقة كان للسحر والساحرات ، أثرًا قويًا في حياة البشر خاصة مع الدور الذي لعبته الديانات الوثنية القديمة المتعددة في تعزيز اعتناق الإنسان ، لتلك المعتقدات والخرافات ، وكان هناك أحد الطقوس المنتشرة بالقرن السابع عشر في أوروبا بالبداية ، ثم انتقل إلى كافة أنحاء العالم بعد ذلك .
وهو طقس يعرف باسم سبت الساحرات ، وهو عبارة عن حفل أو احتفال ضخم يقام في مناطق طبيعية مثل الصحارى ، والغابات أو الأماكن الجبلية من أجل استغلال طاقة الطبيعة ، ويجتمع فيه كل ممارسي السحر من أجل تبادل الخبرات والتجارب ، واقتناص مباركة الشيطان في النهاية أو الجهة والمنظمة التي يتبعونها.
ومن بين أدوات التضحية في مثل هذه الاحتفالات ، كان يصطحب السحرة حيوانات ، وبعض أنواع الأحجار الكريمة ، أو أنواع محددة من المواد الكيميائية والوصفات العشبية ، أو بعض الأوراق الخاصة لتدوين الخبرات عليها.
ورغم هذا الانتشار الواضح لذلك الطقس في العصور الوسطى ، إلا أن الكنيسة كانت ترفضه تمامًا وتنظر إليه بأنه مجرد شعوذة ، وتدمير لعقول البشر ، وما كان منها سوى استخدام طريقة جديدة للتخلص من هذا الانتشار الواضح للسحر ومستخدميه ، عن طريق محققي محاكم التفتيش للبحث عن مصدر انتشار هذه الأمور ، والإبلاغ عن السحرة وأماكنهم ، واستغل رجال الدين هذا الأمر حتى تظل الكنيسة بقوتها آنذاك .
فتم تصنيف الساحرات أنهن سببًا في تدمير الأرض ، نظرًا لقيامهن بأعمال تدنس الأرض ، كالعلاقات الجنسية المحرمة من أجل إرضاء الشيطان ، وإنجاب إنسانًا شاذ في الهيئة والصفات.
ومن أجل أن يصل رجال الدين إلى مبتغاهم ، ألفوا كتابًا في تلك الفترة باسم مطرقة الساحرات ؛ ودعوا من خلاله إلى اصطياد الساحرات وتعذيبهن وقتلهن ، عن طريق شرح مبسط لطرق لسحر وكيفية استخدامه ، وأنه ملازمًا للشيطان ومن أراد أن ينجُ ، فلابد له من اصطيادهن ، وكان هذا الكتاب بمثابة الشعلة التي تم من خلالها ، اقتياد العديد من النساء في أوروبا في تلك الفترة إلى حتفهن ، حيث أقيمت مجازر مهولة لقتل وتعذيب النساء .
وقيل في هذا الوقت أن الساحرات ، كن فتيات جميلات يمتلكن قدرات خارقة على الطيران والتحرك مثل الجن والشياطين ، ويتم ذلك بعد أن تهبن أنفسهن للشيطان والقيم بخلع ثيابهن ، مع الرقص حول الشيطان الواحدة تلو الأخرى ، متقمصات أشكال الحيوانات ، وتستمر تلك الحفلات الماجنة بداية من منتصف الليل وحتى بزوغ الفجر ، مع تناول كميات مهولة من الخمور ، والقيام بالأضحيات البشرية خاصة من الأطفال ، من أجل الحصول على قدرات خارقة.
وبفضل كتاب مطرقة الساحرات ، انتشر في كل من سويسرا والنرويج ، وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوربية ، فرق مكافحة واصطياد الساحرات ، حيث كان يُعتقد أنهن يمارسن طقوسهن أيام السبت ، وكان يتم اختبار المرأة للتأكد من أنها ساحرة بأن تكبّل يديها وقدميها وتُلقى بالنهر فإذا نجت كانت ساحرة ويجب تعذيبها ، وإذا لم تنج فالطبع هي بريئة!
وكان يتم قتل الساحرات بإلقائهن بالنار أحياء ، وقبلها يتعرضن لأشد أنواع التعذيب حيث كن يُضربن ضربًا مبرحًا ، وتقطّع ثيابهن للبحث عن علامة الشيطان ، ويجبرن بالجلوس على مقعد الساحرات الممتلئ بالإبر الحادة ، بالإضافة لإجلاسهن على خوازيق حارة للغاية من أجل منعهن من ممارسة الجنس مع الشيطان ، وبفضل هذا الكتاب الذي أطلقه رجال الدين ، قُتلت ملايين النساء في أوروبا جرّاء تنفيذ ما به من تعاليم ، واعترفت العديد من النساء بقيامهن بأمور السحر تحت وطأة هذا التعذيب الرهيب.