كان هو أول مولود للأنصار بعد الإسلام ، وقد قال عنه رسول الله صلّ الله عليه وسلم حينما وُلد مبشرًا أمه بقوله :”سيعيش حميدًا ؛ ويُقتل شهيدًا ؛ ويدخل الجنة” ، وكانت هذه هي البشرى الصادقة من الرسول الكريم إلى والدة الصحابي الجليل النعمان بن بشي ر.
من هو النعمان بن بشير :
إنه الصحابي النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلب بن جلاس بن زيد الأنصاري الخزرجي ، ويشتهر بكنيته “أبي عبد الله”، وكان والده هو أول من بايع من الأنصار أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوم السقيمة ، كما أن والده بشير رضي الله عنه شهد بيعة العقبة وأيام بدر وأحد والخندق ، وقد اُستشهد يوم عين التمر حينما كان بعد النبي صلّ الله عليه وسلم في جيش خالد بن الوليد رضي الله عنه .
وأمه هي عمرة بنت رواحة أخت عبدالله بن رواحة ، وقد رزقها الله تعالي بالنعمان بعد أربعة عشر شهرًا من الهجرة ، فحملته إلى الرسول صلّ الله عليه وسلم ، وحينما رآه الرسول الكريم ساق لها البشرى بأنه سيعيش حميدًا ويُقتل شهيدًا وسيدخل جنة رب العالمين ، وقد تزوج النعمان من امرأتين وهما أم عبدالله بنت هانئ الكندية والآخر هي نائلة ، وقد رُزق منهما بابنتين وخمسة من الصبية .
روايته للحديث :
كان النعمان بن البشير أحد رواة الحديث ، وقد انفرد البخاري بحديث عنه ، بينما اخذ الإمام مسلم أربعة أحاديث ، ومن بين الأحاديث التي رواها : عن الشعبي عن النعمان بن بشير عن النبي أنه قال: “مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر”.
ومن بين الأحاديث التي رواه أيضًا : عن النعمان بن بشير قال: “صلى بنا رسول الله ذات يوم ثم أقبل علينا بوجهه فقال: “سووا صفوفكم و لا تختلفوا فيخالف الله عز و جل بينكم يوم القيامة” ، فيقول النعمان: فلقد رأيتنا و إن الرجل منا ليلتمس بمنكبه منكب أخيه و بركبته ركبة أخيه و بقدمه قدم أخيه”.
المناصب التي تولاها :
لقد حصل النعمان بن البشير على ولاية الكوفة لمدة تسعة أشهر ، كما تولى قضاء الشام بعد فضالة بن عبيد ، وقد قام معاوية بتعيينه على حمص ، حيث أنه كان يمتلك مكانة عظيمة عند معاوية ، حيث قال عنه معاوية :”يا معشر الأنصار تستبطئونني وما صحبني منكم إلا النعمان بن بشير وقد رأيتم ما صنعت به”.
أقواله المأثورة :
بلغ النعمان بن بشير درجة عالية من الحكمة ، وهو ما جعل بعض أقواله تتداول بين الناس ومن بينها : عن سماك بن حرب قال سمعت النعمان بن بشير يقول: “ألستم في طعام وشراب ما شئتم؟ لقد رأيت نبيكم و ما يجد من الدقل ما يملأ بطنه” ، و من كلام النعمان رضي الله عنه أيضًا قوله: “إن الهلكة كل الهلكة أن تعمل السيئات في زمان البلاء”.
وفاته :
حينما مات يزيد بن معاوية ، قام النعمان بن بشير بمبايعة ابن الزبير ، غير أن أهل حمص تنكّروا لذلك ، فخرج النعمان هاربًا منهم ، وقد قال أبو مسهر في ذلك :” كان النعمان بن بشير على حمص عاملًا لابن الزبير ، فلما تملك مروان خرج النعمان هاربا فاتبعه خالد بن خلي الكلاعي فقتله”.
كما روى محمد بن سعد أيضًا فيما يخص مقتل النعمان بأسانيده أن معاوية تزوج امرأة جميلة جدًا ، فبعث إحدى امرأتيه – قيسون أو فاختة – لتنظر إليها ، فلما رأتها أعجبتها جدًا ، ثم رجعت إليه فقال: كيف رأيتيها؟ ، قالت: بديعة الجمال ، غير أني رأيت تحت سرتها خالًا أسود ، و إني أحسب أن زوجها يقتل و يلقى رأسه في حجرها ، فطلقها معاوية و تزوجها النعمان بن بشير ، فلما قتل أتي برأسه فألقي في حجرها ، سنة خمس وستين.” ، وهكذا مات النعمان بن بشير شهيدًا .