قصة عن رعاية المسنين يحكى أنه في يوم من الأيام، وفي وسط زحام الحياة اليومية، كان هناك رجل يُدعى خالد، وكان يستقل إحدى حافلات النقل العام في يوم عاصف وممطر بشدة. الشوارع كانت مغمورة بالماء، والجو كان قاسيًا، مما دفع الكثير من الناس إلى الاندفاع نحو أي وسيلة نقل يجدونها، أملًا في الهروب من المطر والاحتماء من الطقس السيئ.
خالد كان يجلس في المقعد الأمامي من الحافلة، ويراقب من خلال النافذة تدافع الناس وهم يحاولون الحصول على مكان في الحافلات المكتظة. وبينما كانت الحافلة تتقدم في طريقها، توقفت عند إحدى محطات الانتظار، حيث كان تحت المظلة مجموعة من الأشخاص ينتظرون في طقس بارد وعاصف.
من بين المنتظرين كان هناك رجل عجوز، يترنح من التعب ويبدو عليه الإرهاق الشديد. عندما توقفت الحافلة، همّ الرجل العجوز بالصعود، لكنه عندما دخل الحافلة، وجدها مليئة بالركاب، معظمهم من الشباب الجالسين على مقاعدهم دون أن يبدي أي منهم استعدادًا للتنازل عن مقعده لصالح هذا الرجل المسن.
رغم أن الرجل المسن كان واضحًا عليه أنه بحاجة للجلوس، لم يتحرك أي من الركاب الجالسين. خالد، الذي كان يراقب كل ما يجري من مقعده الأمامي، شعر بحزن شديد بسبب عدم اهتمام الشباب بتقديم العون لهذا الرجل الكبير في السن. دون أن يتردد، نهض خالد من مقعده وتوجه إلى الرجل المسن بحب ورفق.
قصة عن رعاية المسنين
أمسك خالد بيد الرجل المسن بلطف وقال له: “تفضل يا عمي، اجلس مكاني، أنت بحاجة إلى الراحة.” الرجل المسن نظر إلى خالد بدهشة واستغراب، إذ لم يكن يتوقع أن يجد هذا النوع من الاحترام والرعاية وسط الزحام والإهمال. ومع ذلك، جلس على المقعد وقد بدا عليه الارتياح الشديد.
خالد لاحظ دهشة الرجل وقال له بابتسامة: “لا داعي للدهشة يا جدي، هذا واجبي نحوك. نحن في الإسلام تعلمنا أن نحترم كبار السن ونرعاهم، كما يرعونا عندما كنا صغارًا. فما أقوم به الآن ليس إلا جزءًا من هذه التعاليم النبيلة، ولا داعي للقلق مما فعله الآخرون، فكل شخص سيحاسب على تصرفاته.”
استمر خالد واقفًا طوال الطريق، رغم أن الحافلة كانت ممتلئة ولم يكن هناك مكان آخر للجلوس، لكنه لم يشعر بالتعب، بل شعر بالرضا والسكينة لأنه استطاع أن يقدم مساعدة بسيطة لرجل يحتاجها. وعندما وصلت الحافلة إلى محطة نزول خالد، أوقف الحافلة، وودع الرجل المسن بحرارة، الذي بدوره شكر خالد بحرارة ودعا له بالخير والبركة في حياته.
غادر خالد الحافلة وهو يشعر بسعادة غامرة، فقد أدرك أن المعاملة الطيبة والاحترام لكبار السن هي جزء من قيمنا الإنسانية والإسلامية. علم خالد أن ما فعله اليوم قد لا يلاحظه الكثيرون، لكن بالنسبة للرجل المسن، كانت تلك اللحظة تحمل الكثير من الدفء والاهتمام.
وهكذا، ترك خالد درسًا للجميع، بأن الرعاية والاحترام لكبار السن واجب على كل فرد، فاليوم نحن شباب وقادرون على العطاء، لكن غدًا قد نكون في حاجة إلى رعاية واهتمام الآخرين.