اليوم ستكون لي ، اليوم سأعترف لها بحبي ، ستكون لي وستأتى سواء بارادتها أو رغمًا عنها ، اليوم سيخلد قصة عشقي الكبير لمحبوبتي بهية ، خاطب ثائر نفسه وهو يقطع حبات الطماطم ، مجهزًا طعام فطوره ، وناظرًا في صورة محبوبته تارة ، وتارة أخرى مراقبًا النافذة التي تطل على الحارة وزقاقها التي كانت تمر منه بهية الطفلة التي حضرت أمه يوم ولادتها .

حتى أنها طلبت من الداية قطع الحبل السري على اسمه لتكون زوجة له فى المستقبل ، ربط هذا الحبل عشقًا على قلبه ، منذ أن رآها ذاهبة إلي مدرستها ، تلوح بحقيبتها ، وجديلتيها التي زينتين بقماش الحرير الأبيض ، كان يكبرها بعشر سنوات ، لكن مستعمرة العشق التي بناها بداخله ، جعلته ينتظر حتى تبلغ سن الرشد ، ويذهب لمصارحتها وطلب يدها ، وكان عزاؤه حتى يحين ذلك الوقت ، رؤيتها وهي تمر أمامه كل يوم للذهاب إلى المدرسة .

ذكريات الاعتراف الأول بالحب:
لقد تذكر أول مرة حين تبعها ليصارحها بحبه لأول مرة ، كانت قد أنهت المرحلة التاسعة دراسيًا ، وذهبت إلي مدرستها لتتسلم شهادة نتيجة الامتحان ، وقد انتظرها أمام مدرستها لساعات ، وبعد أن ودعت صديقاتها اقترب منها معرفا بشخصه ، وعرض عليها أن يحمل حقيبتها ، رفضت تمامًا وتثاقلت خطواتها وهي تتلفت يمينًا ويسرًا خوفًا أن يراها أحد وهي تسير بجانبه ، وأحمر وجهها خجلا حين اقترب منها وهمس في أذنها وقال أحبك .

الاختيار:
وعندما عادت إلى بيتها وسألها أهلها عن شهادتها فتجاهلتهم ، رغم أنها كانت ترقص فرحًا عند استلامها نتيجة شهادة كل امتحان ، فأثار رد فعلها شكوك الأهل ، فراح يسألاها إن كانت تعرضت لأي اعتداء أو إهانة خاصة ، نفت تمامًا وتحججت بأن رأسها يؤلمها ، وأنها حزينة علي فراق زميلتها ، وكانت حجتها مقنعه .

ودخلت بهيه إحدى الغرف وأغلقت بابها بإحكام ، ليفتح شريط ذاكرتها صور طبعت عليها وقفات ثائر الطويلة أمام بوابة المدرسه ، سنوات عديدة يرقبها عن بعد ، ولم تتخيل أن تلك الوقفات كانت بسببها ، حتى أنه كان يسير خلفها كثيرًا ، أثناء عودتها إلى البيت محافظًا على مسافة بينهما .

وكم من المرات فى الثلاث سنين الأخيرة وهو واقف على شباكه طويلا يتأملها كل صباح ، وهي في طريقها إلى المدرسة ، تذكرت أيضا اعتراف خالد زميلها في المدرسة ، بحبه لها منذ أسبوع مضي فقط ، وكانت ستقع مغشيًا عليها من شدة فرحها ، فهي تفضل أن يكون من ترتبط به في مثل سنها وتعرفه جيدًا ، عن شخص آخر لن تعرفه اطلاقًا حتى لو كان يحمل كل هذا الحب لها بداخله .

أحست برعب شديد وقد راودتها فكرة أنها بالفعل في مشكلة مرعبه ، فقد نامت ورأسها مليء برعب مما ستحمله أيام المستقبل لها .

بعد عامين:
مر صيفان على اعتراف ثائر لبهية بحبه لها ، ولم يتلق ردا ، وكان يفسر ذلك بأن السكوت علامة الرضا ، وأن الخجل هو ما يمنع بهية باللقاء به ، فقرر التوجه بشكل رسمي إلى الأهل لطلب بهية منهم ، وكان متأكدا أن بهية سترقص فرحًا عندما تعلم بأن الشاب الذي أحبها لسنوات طويلة يأتي لخطبتها ، وظل منتظر الرد أسبوعًا ، الرد الذي كان متأكدًا أنه موافقة حتمية عليه .

ولكن صدمه الرد بالرفض فأخذ يفكر ، هل يعقل أنها ترفضه لأنه قصير القامة وأكبر منها بعشر سنين ، فقال بينه وبين نفسه أن تلك أفكار أهلها ، الذين تغرهم طول قاماتهم وبياض بشرتهم ، كان لا يتصور أن بهية ستكون لأحد غيره .

ارتباط :
وشاءت الأقدار أن بهية قد ارتبطت ، وزفت للشاب الذي أعجبها زفت لزميلها الذي صرح بحبه لها وهي في المدرسة ، وأعجبها جماله ولطفه وارتضاه أهلها لها أيضا ، وفي يوم زفافها غاب ثائر عن البلدة وخاف أهل البلدة من غيباه ، ذلك بعد أن سمعه جيرانهم فيما قبل ، يوم أن رفضه أهل بهية .

وهو يهدد ويتوعد بأعلى صوته ، بأنها لن تكون لأحد غيره ، حتى أمه كانت تتضرع إلى الله حتى يكون ابنها بخير ، وما هدأت حتى أن سمعت وقع خطواته صاعدًا على درج المنزل ، ثم دخل من باب الشقة إلى باب غرفته وصفق بابها بقوة .

وفي غرفته قام بلعن قلبه الرقيق وعاتبه ، على أنه بكل العشق الذي يحمله لها ، لم يستطع جذب محبوبته إليه ولا اقناعها به ، وأخذت من قلب عاشق آخر مسكنًا ، وراح يعزي نفسه بأن وعد قلبه أنه سوف يغلق بابه ، حتى يأتي اليوم التي تكون فيه له ، وأنه سوف يدعه عطشًا ،حتى يأتي ذلك الحب فيروي عطش السنين .

بعد مرور السنوات :
مرت السنوات وكانت كل يوم تأتى أمه باسم بنت مختلفة ، محاولة منها إقناعه بالزواج ، لكنه كان برفض الخوض في حياته الشخصية ، مغضبًا أمه منه برفضه كل اقتراحاتها وهو يقول لها بهية أو العزوبية.

سكين العشق:
وكان قد لاحظ أفراد عائلته في الآونة الأخيرة خلل شديد في تصرفات ثائر ، وقد وصف له طبيب نفسي بعض الأدوية المهدئه لحالته ، ولكن في نفس اليوم الذى قام ثائر بالاعتراف بحبه لـ بهية في الماضي .

لاحظ جميع أفراد عائلة ثائر أن وجهه أضاء بنور ، بعد سنوات من الغضب التى حولت وجهه لوجه شاحب وغاضب ، واعتقدوا أنه طاب على الدواء وبدأت مراحل تحسن حالته تظهر على وجهه ، وما كان أحد يعرف ما يدور بخلد ثائر إلا هو ، كان يعلم أن ذلك اليوم الذى خطه في كتاب مذكراته بخط أحمر ، هو اليوم الذي اعترف لبهية بحبه لها ، وأن لابد أن يذهب إليها ، مرة أخرى ويعترف لها بحبه مرة أخرى ، وأن ارتباطها بهذا الرجل ارتباط خاطئ وأن كل شيء سيكون على ما يرام .

الجريمة:
وبالفعل في الليل وعلى ضوء القمر ، تسلق ثائر جذع الشجرة العريضة ، المطلة على شباك بهية ، ومن حسن حظه كانت النافذة مفتوحة ، فقفز إلى غرفتها وانعكس ضوء القمر مع ضوء المصباح الخافت على وجهها ، فرأى وجه محبوبته مضيء ، فتهللت أساريره حين رآها ، ورجاها بينه وبين نفسه ألا تنزعج منه فهو أتى ليعترف لها بحبه ، ولكنه لمح يدا تطوق جسد بهية من تحت الفراش ، ما هذه اليد التى تحضن محبوبته .

أخرج سكينًا من جيبه ، وانهال بطعنات على جسد زوجها النائم بجانبها ، وقبل أن يملأ صوت بهية المكان بالصراخ من هول المنظر ، طعنها في قلبها بطعنة سكين نافذة قائلًا لها سكين العشق قتال يا بهية .

By Lars