قطع السرب الكبير من أسماك السلمون خمسمائة كيلو مترفي مياه البحر المالحة ، حتى وصل إلى مصب النهر حيث المياه العذبة المياه التي رأى فيها النور لأول مرة عندما خرج من البيض إلى الدنيا ، إنه يسبح ضد التيار متجهًا إلى أعالي النهر يبحث عن الأماكن التي شهدت مولده لكي يضع بيضه فيها مدفوعًا بحنين غامض إلى بيته الأول لكي يكرر سيرة آباءه وأجداده .
يعرف الطريق بدقة مدهشة بالتعرف على رائحة وطعم المياه التي شربها في مولده والتي لن ينسها أبدًا ، فالرحلة منهكة والسباحة في اتجاه أعالي النهر تتطلب منه أحيانًا أن يقفز ويقفز قفزات تصل إلى ستة أمتار اتساعًا وثلاث أمتار ارتفاعًا فوق سطح النهر ولكنه يفاجئ بعائق مستحيل جدار هائل يسد مجرى النهر من الضفة إلى الضفة ويرتفع عاليًا عاليًا .
يقفز السلمون ولكنه يرتطم بالجدار ويعاود القفز لعله يجتاح المانع الكبير ولكنه يرتطم بالحائط الأسمنتي ويهوي ويموت الكثير من أسماك السلمون ويجرفها التيار ميتة نحو المصب ، فانتبه انصار البيئة إلى الكارثة التي يمكن أن تهدد أسماك السلمون بالانقراض فجسم السد الذي أقيم على النهر تعيقها عن الوصول للأماكن التي سوف تضع البيض فيها ولو تكرر ذلك لما نشأت أسماك جديدة .
أثار أنصار البيئة ضجة كبيرة في الصحافة وإذاعة التلفزيون وعلى شبكة الإنترنت تعاطف ملايين من الناس مع أسماك السلمون التي تريد أن تعود لمواطنها لكي تبيض فيها ، وخرج آلاف الناس إلى الشوارع في مظاهرات يطالبون بإنقاذ السلمون ، فأصرت الحكومة للاستجابة سريعًا .
وعقدت اجتماعات طارئة مع المختصين للبحث عن وسيلة للإنقاذ فخرجت لجنة من كبار مهندسي السدود وعلماء البيئة باقتراح إنشاء درج عند طرفي جسم السد يصعد من الأمام حتى القمة ، ثم يهبط إلى الخلف على أن يظل الدرج مغمورًا بالمياه وتم التنفيذ في وقت قياسي قبل موسم عودة السلمون ، جاءت الأسماك وكانت في البداية تقفز وترتطم بحائط السد ومات الكثير منها ولكن البقية اهدت لوجود الدرج وراحت تقفز عليه ، ثم تقفز في المياه وراء جسم السد تواصل السباحة ضد التيار لتصل إلى مواطنها وتضع البيض لتخرج منه أفراد سلمون جديدة تكبر و تواصل سيرة الأجداد ..