روي الكثير من القصص الغرائبية في جزر شيتلاند حول حوريات الماء وحورييها ، تحكي تلك القصص أنه كان يعيش في أعماق المحيطات كائنات معينة يشبه شكلها إلى حد ما الجنس البشري ، وتتميز بجمال فائق وبقوى خارقة ولكن محدودة فهي عرضة للموت .
مساكن اللؤلؤ والمرجان :
وهذه الكائنات تنتشر في مناطق واسعة على الكرة الأرضية ، وفي أماكن أعمق بكثير من أماكن تواجد الأسماك ، ويكون البحر بالنسبة لها كما السماء الغائمة بالنسبة للبشر ، كما أنها تبني مساكنها من اللؤلؤ والمرجان وغيرها من ثمار البحر ، ولكن رئتها غير ملائمة للعيش في الماء ، بل فقط في الهواء الجوي لذلك فمن المستحيل بالنسبة لهذه الكائنات أن تجتاز المياه المتداخلة بين العالم البحري العميق والعالم السطحي للبحر .
ولكن ما يساعدها على ذلك هو قواها الخارقة المتوارثة ، والتي تمكنها من الدخول في جلد بعض الحيوانات البحرية ، وأحد الأشكال التي يتخذونها هو شكل نصفه الأعلى شكل إنسان ، ونصفه الأسفل له ذيل وزعانف سمكة ، ولكن الشكل المفضل لدى تلك المخلوقات هو الفقمات الكبيرة أو نصف السمكات فقد مكنتها طبيعتها البرمائية من العيش ليس في المحيط فحسب .
وانما أيضًا على اليابسة ذات الطبيعة الصخرية ، وقد اعتادت تلك المخلوقات ، أن تتخفف من ثيابها وتستعيد شكلها الأصلي ، وبكثير من الفضول تتفحص نمط الحياة في العالم الخارجي الذي يعيش فيه الجنس البشري .
القدر المحتوم :
ولسوء الحظ فكل كائن من الحوريين أو الحوريات له جلد واحد فقط ، يمكنه من ركوب البحر وإن حدث خلال زيارته لليابسة أن فقد ثيابه هذا فسيكون قدره محتوم أن يعيش على اليابسة للأبد .
البحارة والنجاة :
ويُحكى أنه كان هناك مجموعة من البحارة رسوا على الشاطئ بغرض صيد الفقمات التي تتمدد في تجاويف الجروف على ركام الصخور ، تمكن الرجال من صيد الكثير من الفقمات وسلخوا جلودها تاركينها كتلاً من الشحم معلقة في أجسادها ، تركوا الذبائح على الصخور وكانوا على وشك الابحار من جديد من شاطئ بابا ستور ، عندما اندفعت موجة هائلة دفعت الجميع للهرب من المركب ، وقد نجحوا جميعًا من دخول المركب ما عدا رجلاً تلكأ في تهور ، ثم أخفق في الوصول إلى المركب .
محاولات فاشلة :
كره رجال المركب أن يرحلوا ويتركوا رفيقهم يهلك ، على الصخور المغمورة بالماء ، ولكن النو تزايد بسرعة كبيرة ، وبعد عدة محاولات فاشلة لتقريب المركب من الشاطئ اضطروا آسفين إلى ترك الرجل لقدره .
رجل شيتلاند المهجور :
أما رجل شيتلاند المهجور فقد وجد نفسه ليلة عاصفة أمام خيارين ، إما أن يموت من البرد والجوع ، وإما أن يجرفه الموج المتلاطم إلى البحر ، ثم بدأ يلاحظ أن الكثير من الفقمات التي هربت ونجت من مهاجمة رجال المركب اقتربت من الصخور ، وتجردت من جلدها البرمائي ، واستعادت شكلها كأبناء المحيط وبناته !
حوريين وحوريات حزينة :
كان الهدف الأول لتلك الفقمات مساعدة أصدقائها الذين تعرضوا للضرب بالهراوات من الصيادين وحرموا من جلودهم ، عندما استعادت الكائنات المسلوخة الجلد وعيها ، استعادت شكلها كحوريين وحوريات ثم بدأت تعول وتندب بطريقة جنائزية حزنًا على خسارة ردائها البحري ، وقد ترافق نواحهم مع هبوب عاصفة محمومة ، وبعد خسارة جلدهم البحري فقد حرموا من التمتع بفضائهم اللازوردي ومسكنهم المرجاني الذي يقبع في أعماق الأطلسي .
مواجهة العدو :
ولكن حزنهم الكبير كان على أولافيتنوس ابن جيوغا الذي سلخ جلد الفقمة خاصته ، وبالتالي عليه أن يفارق رفاقه للأبد محكومًا بأن يصبح مشردًا يعيش في العالم العلوي ، وفجأة قطع غنائهم الحزين منظر أحد أعدائهم الذي كان ينظر إليهم مرتجف الأطراف ، وفي عينيه نظرة قلق ويأس من جراء الموج الهائج الذي غمر الصخور .
الصياد وحورية الماء :
فكرت جيوغا مباشرة بطريقة تستغل فيها ظروف الرجل الخطيرة ، وتحولها لمصلحة ولدها ، فخاطبته بدماثة ، وعرضت عليه أن تحمله على ظهرها وتعبر به شاطئ بابا ستور سالمًا ، بشرط أن يسلمها جلد الفقمة الخاص بابنها أولافيتنوس .
ضمانات السلامة :
تمت الصفقة بين الاثنين ، فدخلت جيوغا في جلدها البرمائي فورًا ، ولكن الرجل خاف تتيحه عن ظهرها العاصفة العاتية ، فرجاها بحصافة أن تسمح له ضمانًا لسلامته أن يشق مجموعة من الثقوب في كتفيها وخاصرتيها ، بحيث يستطيع أن يثبت كفيه وقدميه بين الجلد واللحم ، أذعنت جيوغا لطلب الرجل ، فامتطى ظهر الفقمة متمسكًا بعنقها ، وواضعًا نفسه في عهدتها .
الوفاء بالعهد :
أوصلته سالمًا إلى أكريس جيو على شاطئ ستور ، ومن هناك ذهب فورًا إلى كوخ السمك في هامنافو ، وبكل أمانة نفّذ الشق الخاص به من المعاهدة ، وأعاد لجيوغا الجلد الذي سيمكن ابنها من العودة إلى المكان الأثيري حيث ينثر البحر ، فوقه عباءته الخضراء .