لا شك أن عشاق القطط يعرفون مدى رقة النظرة التي يمكن أن تراها في عيون القط الدافئة، فهذه النظرات يمكن أن تذيب القلوب، فالقطط من الحيوانات الرقيقة وهي تشعر بالسعادة والحزن والتوتر أيضًا.
وعادة ما ترتبط القطط بالأشخاص الذين يطعمونها ويهتمون بها، وعندما يفقد القط رفيق يحبه فإنه قد يصاب بالاكتئاب والفتور، وقد يفقد شهيته، ويتوقف عن اللعب بسبب الحزن.
وبالرغم من أن القطط لا تستطيع التحدث عن مشاعرها، إلا أن من يربون القطط بشكل مستمر يستطيعون تفسير مشاعر القطط بناءًا على سلوكها الذي قد يتغير بشكل جذري عندما تحزن.
قصة القط التائه
إن القطط المنزلية عادة ما تعتاد على نظام معيشة معين، حيث تعتاد أن يوضع لها الطعام، وتنام في مكان دافيء ومريح، ومثل تلك القطط يكون من الصعب عليها جدًا أن تعيش في الشارع، لكن للأسف بعض الأشخاص يقتنون القطط المنزلية ثم بعد فترة يشعروا بالملل من رعايتها، فيتركونها في الشارع وهذا أسوأ شيء قد يفعله الإنسان للقط المنزلي.
لأنها ستعاني من نقص التغذية حيث أن تلك القطط لا تعرف كيف تجد الطعام، أيضًا فإن الأطفال والقطط الأخرى في الشارع تعتدي عليها وتقوم بطردها.
وتحكي إحدى الفتيات أنها عند عودتها للمنزل في يوم من الأيام وجدت قطة بيضاء بفراء أبيض كثيف تجري وأحد الأطفال يحمل عصا ويطاردها، جرت القطة ودخلت تحت سيارة الفتاة محاولة الاختباء، من هذا الكائن المرعب الذي يطاردها.
عندما رأى الطفل الفتاة عاد من حيث أتى وترك القطة، لكن الفتاة حزنت مما رأته، وقررت الانتظار قليلًا حتى تهدأ القطة، ثم قامت بالانحناء لترى ما حدث للقطة، فوجدت القطة جالسة تنظر إليها بعينيها الممتلئتين بالخوف وكأنها تطلب منها المساعدة.
أشفقت الفتاة على القطة، وقررت أن تتبناها، فاتصلت بأختها الصغيرة في المنزل، وطلبت منها أن تنزل ومعها طبق به ماء وطبق أخر به بعض الحليب، ووضعتهم بالقرب من السيارة، وبدأت تصدر أصوات تنادي بها على القطة.
في البداية كانت القطة خائفة من الخروج، لكن الفتاة أخذت تقرب منه طبق الماء، ويبدو أن القطة كانت جائعة وتشعر بالعطش الشديد، لأنها حين رأت الطعام والماء أمامها تخلت عن حذرها، وخرجت من تحت السيارة وبدأت تشرب منه بنهم.
وكانت القطة في وضع مزري حيث كان فرائها متسخ، وكان جسدها مليء بالجروح، وكانت بدون مخالب ويبدو أن أصحابها القدامى قد نزعوها، فقررت الفتاة أن تأخذ القطة للبيطري أولًا، فجلبت حقيبة مناسبة من منزلها، وحملت القطة التي كانت هادئة، وأخذتها للطبيب الذي اعتنى بها وعالج جراحها، وتأكد أنها خالية من الأمراض.
ثم اصطحبت الفتاة القطة للمنزل، وسرعان ما اعتادت القطة على الفتاة، وتغيرت هيئتها تمامًا حيث أصبح شعرها الأبيض الكثيف ناعم ونظيف، وامتلأ جسمها، وبدأت تلعب مع الفتاة، وتجري لتنام بجوارها وتلعب معها، وكانت الفتاة عندما تخرج من المنزل تجلس القطة في غرفتها ولا تلعب أو تتحرك.
وقد أحب كل من في المنزل تلك القطة واعتادوا على وجودها، وقد تعلقت الفتاة بالقطة تعلقًا شديدًا لم تكن تتخيله، فكانت عندما تعود للمنزل تشعر بالسعادة عندما ترى قطتها تجري مسرعة نحوها، حتى عندما كانت القطة توقظها من النوم لأنها تريد اللعب كانت الفتاة تشعر بالسعادة.
وحتى عندما كانت القطة تتعلق في ملابسها لأنها خائفة من شخص غريب دخل المنزل، كانت الفتاة تحتضنها كأنها تحتضن طفلتها، حتى عندما كانت تضغط بأسنانها على يدها كانت الفتاة تشعر بالسعادة.
لكن للأسف في أحد الأيام عندما استيقظت الفتاة شعرت أن القطة مريضة، كانت لا تلعب كعادتها ولا تريد أن تأكل، قررت الفتاة أن تأخذ القطة للطبيب لكنها انشغلت لعدة أيام، وللأسف قبل أن تأخذها للطبيب ماتت القطة، وقد شعرت الفتاة بالحزن الشديد لأنها تأخرت في علاجها، وأيضًا لأنها فقدت أقرب صديقة لديها.
قصة قط العمارة
تقول فتاة في أحد الأيام عندما كنت صغيرة وكنا نقيم في عمارة كبيرة، أتت قطة لتختبئ داخل مدخل العمارة التي كنا نسكن بها ولم يلاحظها أحد، وكانت العمارة كبيرة وبها عدد كبير من الأطفال.
لكني لاحظت وجود القطة، فكنت أنزل وأتلصص عليها في المكان الذي اختبأت به، وفجأة بدأت القطة في إصدار أصوات كأنها تتألم.
ولم أكن أعرف لماذا تفعل ذلك، وفجأة وجدت بجوارها قطع صغيرة تشبه اللحم، لأني لم أعلم حينها أن القطة كانت حامل، ولم أدرك أنها في تلك اللحظة كانت تتألم لأنها ستضع أطفالها.
وعندما وجدت أن القطط الصغيرة تتحرك، صرخت ثم ذهبت لأخبر أمي، فأخبرتني أن القطة بالتأكيد تحتاج للطعام، فأخذت بعض الطعام المناسب للقطة وبعض الماء ووضعته أمامها.
واستمرت أمي تضع الطعام للقطة لعدة أيام وكانت القطة تجلس في هذا المكان لترضع أطفالها الصغار، ثم تخرج وتعود مرة أخرى، حتى لاحظ أحد سكان العمارة أن هناك قطط صغيرة تعيش في العمارة.
فنادى على حارس العمارة وأمره أن يخرج القطط في الشارع ويلقيهم في مكان بعيد حتى لا يجلبوا البراغيث للمكان، وبالفعل عندما غادرت القطة الأم المكان أخذ الحارس القطط الصغيرة وألقاهم في مكان بعيد، لكنه ترك قط واحد كان مختبيء في مكان ضيق فلم يراه الحارس.
عندما عادت القطة ولم تجد صغارها بدأت في المواء بطريقة متكررة وهستيرية، وقد كنت أنظر إليها وهي حزينة ولا أعرف كيف أساعدها.
ومما زاد من حزني أن أحد السكان خرج وطلب من الحارس أن يحمل القطة بعيدًا، لأنها تسبب إزعاج للسكان، وبالفعل حملها الحارس بالقوة لأنها كانت تقاومه، ووضعها في صندوق، وأخذها بعيدًا عن المنزل ثم تركها.
شعرت بالحزن لما حدث للقطة وأطفالها وكان صوت المواء الذي يشبه الصراخ لا يفارقني، وفي اليوم التالي نزلت لأنظر في المكان الذي كانت تعيش فيه القطة مع صغارها وكنت أعرف أني لن أجدها، لكني نزلت رغمًا من ذلك.
وكانت المفاجأة وجدت القط الصغير الذي تركه الحارس جالس بمفرده خائف وحزين في نفس المكان الذي عاش فيه مع إخوته، لكنه كان وحيدًا هذه المرة.
أسرعت وأخبرت أمي أنني وجدت قط من القطط الصغيرة مازال موجود في المكان، فأعطتها الأم طعام له.
واستمريت في إطعامه لعدة أيام، لكن للأسف في أحد الأيام وأنا عائدة من المدرسة وجدت مشهد قد أفزعني فزعًا شديدًا.
فقد وقع القط المسكين ضحية بعض الأطفال من سكان العمارة، الذين اكتشفوا مكانه، واعتقدوا أنه مثل الدمية وبدأوا يلعبون به، ويقذفونه لبعضهم البعض.
وكان الأطفال يتركونه يجري ثم يطاردونه، حتى أنهم كانوا يأخذوه لأحد الطوابق العلوية ويلقونه للأسفل، والقط المسكين خائف ويحاول الهرب دون فائدة، صرخت وحاولت إبعادهم لكن دون جدوى.
فأسرعت إلى المنزل وأنا أبكي وأخبرت أمي بما حدث، فهرعت أمي نحو القط وطردت الأطفال، وحملت القط الصغير، وقررت أن تأخذه لنرعاه داخل المنزل.
كان القط متعب وجائع وبدت عليه علامات المرض، ولم يرغب في تناول الطعام، فأحضرت أمي سلة ووضعته فيها، وحاولت وضعه في مكان دافئ وإطعامه، وجلست أنا بجواره وحاولت إطعامه مرارًا وتكرارًا، لكن دون جدوى، وفي اليوم التالي مات القط.
شعرت بالحزن الشديد وأخذت في البكاء، فقامت أمي بتهدئتي وأخبرتني أنا علينا دفنه.
وقامت أمي بلف القط في منشفة نظيفة وقمنا أنا وأمي بدفن القط في حديقة أمام المنزل، لكن مع ذلك ظلت ذكرى هذا القط المسكين في ذاكرتي لمدة طويلة بعد ذلك.