اسمها أسماء بنت حاكم مصر في فترة حكم الخليفة العباسي الموفق بالله تحديًدا من عام 250هـ إلى عام 282هـ ، أحب والدها أن يظهر ابنته بمظهر ملوكى أمام الخليفة العباسي ، فخلدت سيرتها بهذا العرس الخرافي ، فهى ابنة الوالي خماروية بن أحمد بن طولون ، وقد لقبت بقطر الندى نظرا لمظاهر الثراء التي تميز به موكب عرسها ، وجهازها الذي لا يضاهي .
الأحوال الاقتصادية والسياسية وعلاقته بزواجها:
كانت مصر قوية وكان اقتصادها مزدهرًا حيث كانت تستند على بيت مالٍ عامرٍ جدًا ، ولكن الأجواء السياسية كانت مضطربة بين الخليفة العباسي في بغداد وبين حاكم مصر ، وازداد الأمر عندما أرسل الخليفة العباسي رجاله يستطلعون أحوال مصر وعاصمتها ، وأكدت الأخبار الواردة من مصر أكدت على امتلاء خزائنها .
تصاعد الأحداث والتحريض على الحرب:
حاول ابن الخليفة العباسي إقناع أباه على حرب والي مصر ، لكن الخليفة العباسي الموفق بالله رفض رفضًا تامًا فكرة الحرب ، ولكن بعد وفاة الخليفة سار ابنه المعتضد إلى مصر بجيوشه للقاء والي مصر وتحقيق النصر ، علم والي مصر بهذا وأعد الجيوش أيضًا استعدادًا للحرب ، وخرج حاكم مصر بنفسه على قيادة الجيش ، وانتصر حاكم مصر وهزم الخليفة هزيمة ساحقة .
النتائج المترتبة على الهزيمة ، وزواج الأميرة قطر الندى:
على الرغم من خسارة الخليفة إلا أن والي مصر كان يطمع لتسوية الأمر مع الخليفة ، فعامله رغم الهزيمة معاملة الخلفاء ، وزاد على ذلك ضاعف الجزية ، ومحاولة منه استغلال الموقف سياسيًا بذكاء ودهاء فكان من نتائج هذا : أن أقر الخليفة العباسي ولاية خماروية على البلاد من العراق إلى ليبيا مدة ثلاثين سنة له ولأولاده من بعده ، ثانيًا : قبول الخليفة الزواج من الأميرة قطر الندى ، وكان معنى هذا الزواج أن أصبح والي مصر حليفًا للخليفة وفي مكانته ؛ لأنه صهره .
مظاهر العرس وموكب الأميرة قطر الندى:
كان جهاز الأميرة أسطوريًا ، وقد وُضِعت القصص والحكايات التي تصف موكبها وجهازها ، وصار أحاديث الناس لقرون بعدها ، أما موكبها فقد كان دكه من أربع قطع من الذهب ، عليها قبه من الذهب ، مشبوك في كل عين من تشابكيها قرط معلق فيه حبه من الجواهر بدرجة لا يمكن توقع قيمتها ، وقد وضعوا دكة لتضع الأميرة رجلها عليها .
أما جهازها فقد تألف من مئات الصناديق التي تحتوي على الملابس ، والذهب ، والمجوهرات ، والأحجار الكريمة ، وقد قدر المؤرخون قيمة جهاز الأميرة بمليون دينار ذهبي ، وكان مهرها مليون درهم فضة فقط ، وقد أُمر الجنود ببناء القصور لها على امتداد المسافة من مصر إلى بغداد ، وكانت القصور مجهزة بكل ما تحتاجه الأميرة من وسائل الراحة والرفاهية .
وسارت الأميرة في هودجها مع جاريتها وعمها ، وعمتها ، وكبار رجال الدولة والجيش على الجياد من حولها ، وذلك في نهاية القرن الثالث الهجري عام 281هـ ، وانتشر الحراس من حولها ، مع عزف الموسيقى الشجية ، وكان الجمهور على الجانبين ، يهتفون لتحية الأميرة .
وصول الأميرة ومراسم استقبالها:
مع وصول موكب الأميرة بغداد عام 282هـ ازدانت المدينة بأحلى الحلل ، وروائح الفرح والسرور تملأ الشوارع ، ابتهاجًا بالأميرة ، ووصلت السفن إلى شاطئ نهر دجلة تحمل الجواري لاستقبالها .
حياة الأميرة في بغداد ووفاتها:
أحب الخليفة زوجته حبًا جمًا ، لما تمتعت به من جمال الصورة ، والأدب الوفير ، وتذكر المصادر أن الخليفة دخل بها وعمرها لم يتجاوز اثنتي عشرة سنة ، وعاشت الأميرة مع زوجها في بغداد خمس سنوات وماتت بعدها في ريعان شبابها ودفت في قصر الرصافة عام 287هـ .