إن اللغة العربية هي واحدة من أجمل اللغات المعروفة في العالم بسبب ثرائها بالأوزان والقوافي والتعبيرات ، وقد شهد التاريخ العربي ظهور مجموعة من علماء اللغة الذين تبحروا فيها ووضعوا قواعدها ، منهم الفراهدي الذي يعد واحد من أهم علماء اللغة العربية على مدار التاريخ وهو واضع علم جديد يسمى علم العروض وهو العلم الذي يميز بين الصحيح والخاطئ من أوزان الشعر العربي .
سيرته :
والاسم الكامل للفراهدي هو الخليل بن أحمد الفراهدي ، وقد ولد في جنوب الجزيرة العربية عام 718 ميلادية والموافق 100 للهجرة ، وقد كانت أسرته فقيرة ، وقد انتقل إلى مدينة البصرة وهو مازال صغير ، وقد اهتم منذ صغره بتعلم اللغة العربية ، فدرس على يد كبار العلماء في البصرة منهم عيسى بن عمرو الثقفي .
ويقال أن الفراهدي في البداية كان يتبع مذهب يسمى الإباضية والتي يراهم كثير من العلماء من الخوارج ولكن معلمه أقنعه بالتخلي عن تلك العقيدة والتحول للمذهب السني ، وقد اشتهر الفراهيدي طوال حياته بالزهد ورفض مظاهر المال والثروة .
وقيل أن الفراهيدي كان يهوى تربية الصقور ، وقد اعتمد على تلك الهواية لكسب عيشه ، وقد عرضت عليه هدايا وأموال كثيرة من الولاة ، وكان هناك جدل كبير بين العلماء السنة والشيعة في زمنه ، ولكنه ترفع عن هذا الجدال ، وقد تتلمذ على يد الفراهدي عدد كبير من أشهر علماء اللغة العربية منهم عالم النحو الشهير سيبويه .
وقد فكر الفراهيدي في وضع ما يعرف بعلم العرض ، وهو يسير في سوق الحدادين ، فسمع أصوات المطارق وفكر في أن كل قصيدة لها نغمة معينة ، فبدأ يركز في قراءة الشعر العربي بمنظور جديد ، وبدأ يدرس الإيقاعات المختلفة ويرتب الأبيات وبدأ يرتب بحور الشعر التي نعرفها الآن على الرغم من أن الشعراء العرب القدامى قد ارتجلوا هذه الأشعار .
ومن بحور الشعر التي وضعها الفراهدي الهزج والرمل والسريع والمنسرح والمضارع والخفيف ، وكان عدد بحور الشعر التي وضعها خمسة عشر بحرًا .
كما قام الفراهدي بتغيير رسم حركات الحروف ، وهو أول من وضع الشدة فوق الحروف على شكل حرف شين غير منقوط للتعبير عن الحرف المضاعف .
وفاته :
توفي الفراهدي في عام 789م في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد ، ويقال أن سبب وفاته هو أنه كان يسير في طريقه إلى المسجد وكان مشغول بوضع أحد بحور الشعر الجديدة ولم يكن منتبهًا ، فاصطدمت به سارية وتوفي بسبب إصابته ، بعد أن ترك وراءه عدد من أهم الكتب والمؤلفات في علوم اللغة ، وأيضًا ترك عدد من التلاميذ الذين أثروا علم اللغة من بعده .
مؤلفاته :
يعد الفراهيدي أول من وضع معجم في اللغة العربية وهو معجم العين ، ومن مؤلفاته أيضًا كتاب النغم وكتاب الإيقاع وكتاب الشواهد وكتاب العروض .