الرجل الذي نظم المعرفة من أهم علماء المكتبات في العصر الحديث ، وهو صاحب خطة التصنيف الشهيرة في التاريخ والتي لا تزال جميع المكتبات تستخدمها إلى يومنا هذا ، هو ملفل لويس ديوي المولود عام 1851م في مدينة أدامز بولاية نيوريورك الأمريكية وتوفى عام 1931م ، تخرج من كلية أمهرست عام 1874م وعمل فيها كمساعد لأمين المكتبة وكان هذا السر في اختراعه لـ التصنيف المشهور والمعروف باسم تصنيف ديوي العشري .

ولكن لم يكن ديوي أول من صنف المعرفة عند إلقاء الضوء على الحضارات القديمة نجد أن مكتبات الشام وبلاد الرافدين بالعراق ومكتبة الإسكندرية بمصر كانت لها تصنيفات ، وكذلك تصنيف أرسطو وأفلاطون ثم قامت الحضارة الإسلامية بعمل نقلة نوعية في التصنيفات فكان لابن النديم المكتبي دور في وضع مؤلفة الشهير الفهرست من أجل اتباع النظام الشجري وكان هو الأساس النظري لتصنيف ديوي والذي ألهمه فكرة التصنيف .

نشأة ديوي في مدرسة ريفية بسيطة كان معروفًا عنه حبة الشديد للمكتبات وإقامته الدائمة فيها ، حتى أصبح جزء منها وكان معروف لدى كل الطلاب والموظفين بأنه هو المطالع الذي لا يغادر المكتبة أبدًا ، وعندما التحق بالجامعة حمل معه شغف حبة للمكتبات وطلب أن يعمل بالمكتبة ولاحظ أن المعرفة ليست مرتبة ودائمًا ما كان يجد الازدحام بين الأقسام والرفوف فأقسام ممتلئة وأقسام فارغة وكان ذلك بسبب التقسيم غير المتوازن .

فعكف ديوي على دراسة المشكلة وقام بترتيب شجرة في ذهنه على أن يكون جذرها هو المعرفة البشرية ويتفرع منها عشرة غصون يمثل كل منهم معرفة معينة وكل غصن يتفرع منه عروق عشرة وكل عرق يناقش تقسيم خاص بموضوع ، وكان هذا هو الأساس النظري لخطة التصنيف الأفضل عبر كل التصنيفات الأخرى ، وضعه وعمره حينها واحد وعشرون عامًا وبدأ في تطبيقها في مكتبة جامعة أمهرست وحققت نجاح مبهر وتم تنظيم المكتبة بالكامل وتوزيع وترتيب المعرفة ، وكان السرور ظاهر على كل المستفيدين منها والموظفين .

وعند التطبيق ظهرت عدد من المشكلات وبالعمل الدائم عليها تم تلافيها وقام بوضع خطة لتطوير الخطة ، وكانت الأسس والمناهج التي أسسها هي المبادئ التي سوف يعتمد عليها طوال حياته المهنية .

وتابع تعليمة ونال درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة كولومبيا ونقل معه الخطة وكان ذلك عام 1883م ، وأدركت إدارة المكتبة قوته وقامت بتعينه كمدير عام للمكتبة ومنحته حق التصرف في تطوير المكتبة ، ليبدأ في خطته حتى أصبحت مكتبة الجمعة وفقًا لتصنيف ديوي ، وذاع صيته بعد ذلك وتقدمت جامعة نيويورك بعرض مغري عام 1888م حيث أصبح المدير التنفيذي للجامعة .

كان الأعداء يحيطون بيه من كل مكان مما جعله غير قادر على الثقة بمن حوله وانعكست شخصيته الصعبة على ثبات خطته ، وحصر كل ما لديه من علاقة بالخطة تم وضع خطة لجعل المعرفة تتكون من عشرة أقسام كل قسم يحمل 100 رقم وتشمل 000 – 099 المعارف العامة ، 100 – 199 الفلسفات ، 200 – 299 الديانات ، 400 – 499 اللغات ، 500 – 599 العلوم الطبيعية ، 600 – 699 العلوم التطبيقية ، 700 – 799 الفنون ، 800 – 899 الآداب ، 900 – 999 التاريخ والجغرافية .

نجد فيهم تقسيمات خاصة بالزمان والمكان ، وقد ترتب المعرفة بطريقة هرمية ويكون التصنيف من خلال ترتيب الأرقام بشكل تصاعدي تبدأ 001 ويكون في المقام الثاني اسم المؤلف ، ثم العنوان وتكون الكتب المتشابهة في الموضوع موجودة في مكان واحد ضمن تسلسل منطقي مرتب ، وظل ديوي يطور في خطته طوال حياته وبعد وفاته قامت مكتبة الكونجرس بتعين لجنة خاصة لتطويرها بنفس المنهجية ، وظلت بعض الأرقام شاغرة وذلك من الممكن ولادة علم جديد أو معرفة جديدة فلابد أن نجد مكان لها .

ومن ضمن إسهاماته تأسيس جمعية المكتبات الأمريكية عام 1876م وتأسيس النادي الرياضي مع زوجته وكما أنه غير من مهنة المكتبات وأدخل عليها مفاهيم جديدة ، كما أنها شغل الكثير من المناصب الأكاديمية ورئيس تحرير مجلة المكتبة وأمين جمعية المكتبات المركزية الأمريكية ، وأسس شركة لبيع مستلزمات المكتبات ومن ضمنها خطة التصنيف ، كما أنه كان أول مدرس لعلم المكتبات في الولايات المتحدة في جامعة كولومبيا ..

By Lars