يزخر العالم العربي بالعديد من الشخصيات العلمية الناجحة والتي غيّرت مسارات الطرق العلمية بالتنوير الثقافي والإبداعي ، يحقق المخترعون رصيدًا هائلًا من النجاح الذي يرفع من شأن أمتهم ؛ ومن شأن العالم أجمع ، ومن المخترعين البارزين في المجتمعات العربية المُخترع اللبناني حسن كامل الصبّاح .

وُلد حسن كامل الصبّاح بمدينة النبطية المتواجدة جنوب لبنان عام 1895م ، كان أبواه متعلمين ، وعمل والده بمجال تجارة المواشي ، تلقى تعليمه الأول في كُتّاب مدينته ؛ ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بنفس المدينة ، وبدأت بوادر اهتمامه بمادة الرياضيات والهندسة في سن مبكر .

تحدثت والدته عن أحلامه منذ الصغر ؛ والتي كان من أهمها أن يستطيع استخراج النفط في البلاد العربية لتكون من العوامل التي تبني الحضارات العربية ، وقام ببعض التجارب العلمية في صغره ومنها أنه قام باستخدام الغاز في نفخ البالون ؛ كما قام بعمل تصميم للكرة الأرضية .

اشتهر الصبّاح بتفوقه في العلوم والرياضيات بمدرسته الإعدادية في بيروت ؛ وكان يُبدي إعجابه الدائم بالكتب الخاصة بالطبيعيات مثل كتاب الجبر الخاص بفانديك ، التحق الصبّاح فيما بعد بالكلية السورية الإنجيلية ، واجهته خلال فترة الدراسة بعض العوائق المالية ؛ والتي كادت أن تمنعه من إتمام دراسته ؛ لولا اكتشاف الكلية لقدراته النابغة بعد تدخل بعض الزملاء لدى الشئون الإدارية للكلية ، واستطاع أن يُكمل مسيرة دراسته بعد الإعفاء من المصروفات .

ذهب لإبداء الخدمة العسكرية عام 1916م ؛ وهناك قام بالالتحاق بالقسم الخاص بالعلوم اللاسلكية ، وتعلم اللغة الألمانية بعد أن اندمج مع المهندسين الألمانيين الذين تابعوا معه أبحاثه في مجال الكهرباء ، وتم ترقيته ليحصل على درجة ملازم أول ؛ وقام باستلام القيادة الخاصة بفرز التلغراف .

سافر إلى دمشق بعد الحرب وعاش بها فترة ؛ ثم عاد إلى بيروت وعمل بها مُدرسًا ؛ حيث كان لديه النهم بأن يستمر في التحصيل العلمي بمجال الهندسة الكهربية ؛ فقام بكتابة مراسلات إلى مكتبات برلين ليطلب منهم مجموعات من الكتب الخاصة بالمجالات العلمية ، حاول السفر إلى فرنسا ليتابع دراساته العلمية ؛ ولكن المفوض السامي بفرنسا لم يمنحه الفرصة ، فقرر بعد ذلك الالتحاق بالجامعة في بوسطن .

كانت الأزمات المالية تقف عائقًا بين الصبّاح وبين تحقيق كل طموحاته العلمية ؛ حيث سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1921م ؛ ليُكمل دراسة الهندسة الكهربية ؛ ولكنه لم يستطع لقلة أمواله ؛ مما اضطره لعدم إتمام مسيرته والالتحاق بشركة جنرال إلكتريك للعمل بها ؛ ثم حاول أن يتابع دراسة الرياضيات بجامعة النيوي ؛ غير أنه عاد لنفس الكَرة ولم يستطيع إتمام المسيرة ؛ وعاد أيضًا لشركة جنرال إلكتريك .

قام الصبّاح باختراع العديد من الآلات التي استفادت منها الشركة دون أن يكون له مقابل مادي مُجدي ؛ حيث ظلّت أوضاعه المالية سيئة للغاية ؛ ولكنه اكتسب في وقت قصير شهرة كبيرة بالمجلات العلمية ، وتلقى عروض ليعمل في بلاد أخرى مثل الاتحاد السوفيتي ؛ غير أنه لم يقع تحت وطأة أي إغراء .

من أهم إنجازات الصبّاح أنه قام باختراع جهاز لتخزين أشعة الشمس ؛ ثم تحويلها فيما بعد إلى قوة كهربائية ؛ وتم تسجيل ذلك الاختراع بواشنطن ؛ كما قام بتسجيل بعض اختراعاته في ثلاثة عشر دولة منها كندا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا .

توفي عام 1935م إثر حادث سيارة ؛ وهو في طريق العودة إلى منزله ، وقد دارت العديد من الشكوك حول طريقة وفاته التي بدت مريبة وغريبة .

By Lars