نهار النصار أو طيار الملوك واحدًا من أشجع رجال المملكة ، طيار سعودي من أشهر الطيارين في تاريخ المملكة ، كان يدور حول العالم بطائرته ويقطع المحيطات ذهابًا وإيابًا .
الميلاد :
ولد نهار النصار في عام 1936م واسمه هو نهار عبد الرزاق بن محمد النصار ، في منطقة الخبر ، وتحديدًا في وادي الدواسر ، وعملت أسرته في مجال نقل الحجيج والمعتمرين بالإبل ، كما يساعدون التجار في تنظيم قوافلهم ونقل البضائع .
وبعد أن ذلك انتقلت العائلة إلى المنطقة الشرقية ، وكان هذا وقت اكتشاف أول بئر للبترول بالمملكة ، وبدأ والده وعمه يعملان في البداية لدى شركة آرامكو ، وبعدها قررا الاستقلال بالعمل ، وتأسيس عمل خاص بهم في مجال المقاولات والاستثمار ، وكانت حينها الأجواء مناسبة للعمل ، حيث أن المنطقة ازدهرت بالكامل ، وأصبحت موطنا للعمال والوافدين والشركات ، وأيضًا المواطنين .
التعليم :
على الرغم من وجود ازدهار استثماري في المنطقة ، إلا أن المنطقة كانت تعاني من فقر في الخدمات ، وهو ما جعل فرص التعليم لنهار صعبة ونادرة ، ولكنه لم ييأس بل التحق بالكتاب في الخبر ، وبالتالي تعلم وحفظ القرآن ، كذالك تعلم القراءة والكتابة .
بين جيران الأسرة كان يوجد طبيب هندي ومعه زوجته التي تتحدث الإنجليزية ، والتي استغلها والده من أجل تعليم الأولاد اللغة الانجليزية ، كما حاول والده أن يوفر له معلم لعلوم اللغة العربية وعلوم الدين .
في نفس الوقت تم افتتاح أول مدرسة أميرية في المنطقة ، وبالطبع التحق بها نهار وأخوته ، وهو في عمر الرابعة عشر انضم إلى فريق شركة آرامكو ، وكان عمله عبارة عن كتابة مراسلات الشركة ، وفي نفس الوقت حرص على تعلم المزيد من اللغة الانجليزية والعلوم كذالك.
الحلم :
تولى والد نهار مقاولة إنشاء مطار الظهران ، وكان نهار يرافقه حينها ، وكان يجلس بالساعات يتأمل الطائرات ، أثناء الإقلاع و الهبوط ، شغف حبًا بالطائرات لدرجة أن زملاءه أكدوا أنه كان يقلد أصوات الطائرات ، ويهتم كثيرًا بالتعرف على أنواع الطائرات .
لفت اهتمامه بالطائرات أنظار الرؤساء في الشركة فقاموا بتحويله من عامل في مكتب ، إلى أحد الموظفين الفنيين في ورش الطائرات بالمطار ، حينها استغل الفرصة في التعلم والتعرف على كل قطعة في الطائرة ، وبدأ يحاول أن يتعلم من طاقم الطيران الإيطالي ، ويسألهم عما لا يفهمه ، كان الجميع يشعر بحبه للطائرات والطيران ، ولم يبخلوا عليه بالإجابة على أي من أسئلته .
الطيران :
في عام 1953م بدأ حلمه يتحول إلى حقيقة ملموسة ، فقد بدأ يتعلم الطيران بالفعل ، وأعطاه كل مجهوده وتركيزه ، وقبل نهاية العام قرر والده أن يرسله إلى الإسكندرية ، حتى يحصل على الشهادة الثانوية ويتمكن من الالتحاق بمعهد الطيران في مصر .
بالفعل بدأ تدريباته في معهد مصر للطيران وكانت المدربة هي عزيزة محرم فهيم ، استمر في التدريبات ثلاثة سنوات ، بعدها سافر إلى بريطانيا لتعلم أحدث تقنيات الطيران ، ولكن بعد العدوان الثلاثي على مصر قرر أن يترك الدراسة ويعود إلى مصر .
أكمل دراسته في معهد الطيران بمصر ، ومن ثم عاد إلى المملكة ، تفرغ تمامًا للطيران ، وبعدها أصبح مديرًا لمدرسة الطيارين في المملكة ، وكانت أول مركز تدريبي في المملكة للتدريب على الطيران ، وأقيم المركز في جدة .
كان عم نهار في البداية في الخطوط الجوية السعودية ، وبدأ حينها كمساعد طيار لمدة عام وبعدها أمر الملك فيصل بتعيين دفعة جديدة من الطيارين السعوديين ، وذلك لأن كل الطيارين في هذا الوقت كانوا من جنسيات أجنبية .
وتمكن حينها نهار النصار ، وبهاء الدين أسعد من اجتياز الاختبارات و تم تعيينهم كطيارين ، ويعد أصغر طيار عرفه العالم العربي ، حيث أن سنه في هذا الوقت كان ثلاثة وعشرون عامًا فقط .
عام 1960م تزوج نهار وأنجب فتاة هي شويكار ، والتي أصبحت مهندسة ، وبعدها رزق بنواف والذي درس هو أيضًا الهندسة ، في عام 1961م تم إرساله إلى الولايات المتحدة من أجل الحصول على شهادة طيران من هيئة الطيران الفيدرالية ، بالفعل حصل على الشهادة ونشر الخبر في صحف المملكة ، وكان حينها الأمير سلطان هو وزير الدفاع والطيران ، وأرسل لنهار برقية تهنئة على نجاحه .
في عام 1963م عين نهار ككبير الطيارين في الخطوط الجوية السعودية ، ولكنه قرر أن يترك هذا المنصب لأنه يفضل الطيران ، وكان نهار أحد المشاركين في اللجنة التي حددت زي الطيارين السعودي ، وكان هو أول طيار يرتدي الزي الرسمي ، وتمكن من قيادة العديد من أنواع الطيارات حتى أنه يقال أنه قاد طائرات بوينق النفاثة من طراز 707 إلى طراز 747 .
لقب طيار الملوك :
كانت الستينات فترة نجاحات نهار الكبرى ، فقد تم اختياره أيضًا كقائد الطائرة الملكية بدلًا من الكابتن سام بقلر ، وقد استمر في قيادة الطائرة الملكية حتى وفاة الملك سعود ، وقاد الطائرة الملكية أيضا في عهد الملك فيصل والملك خالد ، وكذالك الملك فهد والملك عبد الله ، حين كان مازال ولي العهد وكذالك قاد طائرة الأمير سلطان أيضًا .
واستمر نهار في نجاحاته فقد عين عام 1968م كمدرب طيار على طائرة البوينق 707 ، وفي عام 1971م أصبح مشرفًا على طائرات البوينق ، أما في عام 1973م فقد عين كمدير إداري في تدريب الطيارين ، وعام 1974م تم تعيينه كمساعد لمدير التدريب .
في عام 1975م تم فصل الطيران الملكي عن الطيران الاعتيادي ، أما في عام 1976م فقد عين كمدير لعمليات الرحلات الملكية ، كل هذه المناصب مع احتفاظه بمهنة الطيار التي يعشق كثيرًا ، في عام 1993م تم تعيين كمساعد مدير عام الخطوط الجوية بالمملكة للعمليات المتعلقة بالرحلات الملكية .
وحاز على الكثير من التكريمات والجوائز والميداليات أثناء مسيرته ، وتوفي عام 1994م بعد أن استمر مرضه حوالي أربعة شهور ، عمل تسعة وثلاثون عامًا في خدمة وطنه قدم فيها الكثير ، فقد قاد طائرته نحو 18 ألف ساعة و7 دقائق و29 ثانية .
ما زالت سيرة نهار النصار يضرب بها المثل في التحدي والنجاح ، ويقال أن قريبًا جدًا ستطرح السيرة الذاتية للطيار العظيم نهار النصار ، حيث يقوم بكتابتها بكافة تفاصيلها أسرته وبعض الذين شاركوه رحلته وتدربوا على يديه .