كان عبدالله بن المبارك رجلًا صالحًا وفي العام الذي أراد فيه الحج خرج في ليلة ليودع أصحابه قبل سفره وفي الطريق شاهد مشهدًا ارتعدت له أوصاله واهتزت له أعصابه حيث وجد سيدة في الظلام تنحني على كوم من القمامة وتلتقط منها دجاجة ميتة تضعها تحت ذراعها وتنطلق في الخفاء .
فنادى عليها ابن المبارك وقال لها ماذا تفعلين يا أمة الله ، فقالت له يا عبدالله اترك الخلق للخالق فالله تعالى في خلقه شئون فقال لها ابن المبارك ناشدتك الله أن تخبريني بأمرك ، فقال المرأة له ألا وقد أقسمت علي بالله تعالى فليأخبرنك ، فأجابته دموعها قبل كلماتها إن الله قد أحل لنا الميتة فأنا أرملة فقيرة وأم لأربع بنات غيب الموت راعيهم واشتدت بنا الحال ونفذ منا المال وطرقت أبواب الناس فلم أجد للناس قلوب رحيمة فخرجت أتلمس عشاء لبناتي اللاتي أحرق لهيب الجوع أكبادهن.
فرزقني الله هذه الميتة فمجادلني أنت فيها وهنا تفيض عيناه ابن المبارك وقال لها خذي هذه الأمانة وأعطاها المال كله الذي كان ينوي به الحج ، وأخذتها ورجعت بها إلى بناتها وعاد ابن المبارك حينها إلى بيته ، وخرج الحجاج من بلده فأدوا فريضة الحج ثم عادوا .
وفي المنام يرى ابن المبارك رجلُ يشرق النور من وجهه يقول له السلام عليك يا عبدالله، ألست تدري من أنا ، أنا محمد رسول الله أنا حبيبك في الدنيا وشفيعك في الآخرة جزاء الله عن أمتي خيرًا لقد أكرمك الله كما أكرمت أم اليتامى وسترك كما سترت اليتامى ..