يروى عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، أنه كان أكرم الناس خلقًا ومالًا ، لا يبارى جودًا وسخاءًا ، وسماحة نفس ، وصفه بذلك كل من عرفه ، وكانت حاله في ذلك قبل النبوة كما كانت بعدها .
رواية السيدة خديجة عن كرم النبي :
فقد قالت ، السيدة خديجة رضيّ لله عنها ، حين رجع إليها يرجف فواده ، بعد نزول الوحي عليه أول مرة ، كلا والله ما يخزيك الله أبدًا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكَلّ ، أي : ( تقوم بالأمر العظيم ) ، وتكسب المعدوم ، أي : ( تعطي المحتاج ما يعز فلا يوجد ) ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .
رواية جابر بن عبد الله ، وابن العباس عن كرم النبي :
وكان جابر بن عبدالله ، يقول : ما سئل رسول الله ، صلّ الله عليه وسلم ، فقال : لا .. وقال ابن العباس رضي الله عنهما ، كان النبي صل الله عليه وسلم ، أجود الناس بالخير ، وأجود ما كان شهر رمضان ، وروي أنه حمل إليه تسعون ألف درهم ، فقام إليهما يقسمها ، فما رد سائلا حتى فرغ منها.
سخاء عثمان بن عفان :
يروى أنه ، وقع قحط بالمدينة ، في خلافة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ، فتوقع الناس الهلاك ، فوردت لسيدنا عثمان رضي الله عنه ، إبلٌ من الشام ، عليها القمح والزيت والزبيب ، وكانت ألف بعير ، فأدخل أحمالها إلى داره ، وجاءه التجار ، وسألوه أن يبيعها إليهم ، فقال لهم : كم تعطونني ربحًا ؟
اشهدوا أنها صدقة :
قالوا : نعطيك عن كل درهم خمسة دراهم ، فقال : أريد عن كل درهم خمسة دراهم ، فقال : أريد عن كل درهم أزيد من عشرة ، فقالوا : هذا غبن فاحش ، قال : إن الله وعدني بأن يعطيني عن كل درهم عشرة ، بقوله تعالى في كتابه الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ) صدق الله العظيم ..الآية 160 من سورة الأنعام .. ثم قال : فهل عندكم زيادة !.. قالوا : لا .. قال : اشهدوا أنها صدقة ، ثم فرقها على فقراء أهل المدينة .
جود حاتم الطائي :
ومن أعجب ما يحكى عن جود حاتم الطائي ، يروى أن أحد قياصرة الروم أراد اختبار حاتم الطائي ، في جوده وكرمه ، وكان قد بلغه أن له فرسًا من جياد الخيل عزيز عنده ، فأرسل إليه بعض حجابه يطلب منه الفرس هدية !.
حاجب الملك في ديار حاتم الطائي :
فلما جاء الحاجب ديار طيء سأل عن بيت حاتم حتى دخل عليه ، فاستقبله ورحب به ، وهو لا يعلم أنه حاجب الملك ، وكانت المواشي حينئذ في المرعى ، فلم يجد إليها سبيلاً لإكرام ضيفه ، فنحر الفرس ، وأضرم النار ، ثم دخل على ضيفه يحادثه !
والله لقد رأينا أكثر مما سمعنا :
فأعلمه أنه رسول القيصر ، وأنه يستميحه الفرس ، فساء ذلك حاتمًا ، وقال : هلا أعلمتني قبل الآن ؟ فإني نحرتها لك إذا لم أجد جزورًا غيرها بين يدي ، فعجب الرسول من سخائه ، وقال : والله لقد رأينا أكثر مما سمعنا .