يُروى عن سيدنا عيسى عليه السلام أنه أراد وهو يسير مع حواريه أن يأكل ، فقال لأحد حواريه اذهب بهذين الدرهمين واشتري لنا خبزًا وطعامًا ، فذهب الحواري ليحضر الطعام ولما عاد كان سيدنا عيسى يصلي ولمح على يده ثلاثة أرغفة .

ولما استبطئ الحواري صلاة سيدنا عيسى أكل رغيفًا من الثلاثة ، فلما أنهى سيدنا عيسى الطعام قال له ائتني بالطعام ، فأحضر التلميذ الرغيفين الباقيين وباقي الطعام ، فقال له سيدنا عيسى : ألم يكونوا أرغفةً ثلاث ؟ قال : لا يا نبي الله والله ما كان إلا رغيفين .

فقال له سيدنا عيسى : لا حاجة لي بالطعام الآن تعالى معي ولنمشي قليلًا ، فلما مشوا سويًا رأوا قطيع من الظباء فنادى سيدنا عيسى على ظبي من الظباء فذبحه وسلخه ثم قال له : قم بإذن الله فوقف الظبي على أربعٍ فقال الحواري متعجبًا يا سبحان الله .

ثم قال له سيدنا عيسى عليه السلام بحق الآية التي رأيت من أكل الرغيف الثالث ؟ فقال الحواري مصرًا على كذبه يا نبي الله ما كان إلا رغيفين ، فقال سيدنا عيسى عليه السلام حسنًا ثم أخذ بيده وقال له : نريد أن نعبر النهر إلى الطرف الأخر ، فقال تلميذه : كيف يا نبي الله ولا يوجد قارب في الماء كي ينقلنا إليه ؟

فأمسك سيدنا عيسى بيده وسار على صفحة الماء حتى وصل إلى الشاطئ الأخر ولم تبتل أقدامه ، فقال الحواري : يا سبحان الله ! فقال له سيدنا عيسى عليه السلام : بحق الآية التي رأيت من أكل الرغيف الثالث ؟ فقال الحواري كذبًا للمرة الثالثة : والله ما كان إلا رغيفين يا نبي الله .

فكتمها سيدنا عيسى في نفسه ولما ساروا بضعة خطوات إلى الأمام ، رأوا ثلاث سبائك ذهبية تلمع تحت الشمس ، فلما رآها سيدنا عيسى قال بفطنة وذكاء النبوة : هذه السبائك الذهبية واحدةٌ لك وواحدةٌ لي وواحدةٌ لمن أكل الرغيف ، فقال تلميذه على الفور : أنا يا نبي الله ، فقال سيدنا عيسى : هي لك كلها فليس لي حاجة بها .

ففي تلك المرة اعترف الحواري بالصدق طمعًا في الذهب بعد أن كان يكذب ويصر على عدم أكل الرغيف ، فبريق الذهب يذهب بعقول الناس كما يقول الشاعر:

رأيت الناس قد مالوا إلى من عنده مالٌ **  ومن لا عنده مالٌ فعنه الناس قد مالوا
رأيت الناس قد ذهبوا إلى من عنده ذهب ٌ **ومن لا عنده ذهبٌ فعنه الناس قد ذهبوا

ولما أخذ تلميذ سيدنا عيسى عليه السلام السبائك الذهبية الثلاث ومضى خرج عليه ثلاثة من اللصوص قتلوه وسرقوا منه الذهب الذي معه ، وقال أحدهم ليذهب واحد منا ويحضر لنا الطعام ، ولما غادر واحد منهم قال الاثنان الآخران : لما لا نقتل صاحبنا حينما يعود ونقسم الكنز على اثنين بدلًا من ثلاثة .

وفي نفس الوقت جاءت نفس الفكرة لصاحبهم الذي ذهب ليحضر الطعام فقال في نفسه : لما لا أضع سمًا في الطعام حينما يأكلوه يموتان وأفوز أنا بالكنز وحدي ، وبالفعل فعل ذلك ولما عاد قتله صاحباه وبعد ذلك أكلا من الطعام فماتا .

وفي اليوم التالي مر سيدنا عيسى على جثثٍ أربعة ؛ جثة صاحبه واللصوص الثلاث وإلى جوارهم سبائك الذهب الثلاث ، فقال عليه السلام : هكذا الدنيا تصنع بأهلها أعبروها ولا تعبروها فالدنيا لا تبقى على حال.

By Lars