لطالما كانت المقابر مكانًا مقبضًا ، ومثيرًا للفزع في الروح ، وعلى الرغم من الجهد الذي يمكن أن يكون مبذولاً فيها ، لنظافتها وهيئتها العامة ، إلا أنها تظل موحشة ومقبضه بمجرد ذكرها فقط ، خاصة أنها تشتهر بكونها مقرًا للظواهر غير الطبيعية ، والماورائيات ومسكنًا للأرواح والأشباح .
تقع شرق بحر الكاريبي ، جزيرة خلابة المظهر وساحرة الجمال تدعى باربادوس ، تعد إحدى الوجهات السياحية نظرًا لجمالها ، وكونها جنة على الأرض ، وقد اشتهرت تلك الجزيرة كثيرًا ، ليس لطبيعتها الجميلة تلك ولكن بسبب عدد من الوقائع التي عملت على ذلك .
أقيم على سطح تلك الجزيرة مدفنًا ، اشتهر بمدفن تشيس فيما بعد ، وكان قد وضعت له بوابة كبيرة من الرخام ، ويقع على تل فوق سطح الجزيرة ، ويلتحق بكنيسة تم تشييدها تعرف باسم أبرشية المسيح ، تلك الكنيسة مثل الكثير من الكنائس في كل أنحاء العالم ، تكتمل بمقبرة ملحقة بها ، حيث يذهب إليها السكان المحليون ، ليرتاحوا إلى الأبد ، ولكن مقبرة تشيس لم تكن مريحة مثل غيرها .
كان المدفن قد صار قديم للغاية خاصة مع عوامل التعرية ، التي تحيط بالجزيرة من كافة الأنحاء ، وحينما توفيت إليزابيث إليوت زوجة جيمس إليوت تم دفنها في تلك المقبرة ، وكانت هي أولى الجثث التي وضعت داخل تلك المقبرة ، إلى أن تم فتحها مرة ثانية عام 1807م لدفن توماسينا جودارد ، ولكن عندما فتح زوجها المقبرة ذهل هو ومن حملوا النعش ، فقد كان كفن السيدة إليوت قد اختفى مع الجثة ، وذلك على الرغم من أن المقبرة لم تفتح قط عقب وفاتها .
عقب هذا الحادث بعام واحد ، قامت عائلة تشيس بشراء هذا المدفن القديم ، ورفضوا إخراج جثة السيدة جودارد ، فلا يجب إقلاق راحة الموتى ، فلم يكن بالمقبرة سوى نعشها فقط على أية حال .
اشتهرت عائلة تشيس بطباعهم السيئة والغريبة ، وكان أول من تم دفنه من العائلة هي ماري البالغة من العمر عامين فقط ، فتم وضعها في كفن وداخل نعش من الرصاص ، إلى جوار نعش السيدة جودارد الوحيد داخل المقبرة ، ثم أغلقت المقبرة عليها .
كان لماري شقيقة تكبرها بعدة أعوام ، تدعى دوركاس أذاقها والدها كافة صنوف التعذيب ، والمعاملة غير الآدمية حتى ضاقت الفتاة ذرعًا ، بتلك التصرفات والمعاملة السيئة من جانب والدها ، فقامت بتجويع نفسها حتى ماتت .
تم وضع جثمان دوركاس في نعش مصنوع من الرصاص الثقيل ، حتى أن حاملو النعوش لم يستطيعوا حمله بسهولة ، ليتك وضعها في المقبرة إلى جوار أختها ، ولم يلبث أن انتحر والدها توماس تشيس ربما بسبب حزنه على ما فعله بابنته ، فتم تكفينه ووضعه في نعش ثقيل مثل فتياته حيث كان يزن النعش حوالي مائة وتسعة كيلوجرامات ، ويحمله ثمانية من الرجال بصعوبة بالغة .
اتم فتح المقبرة لدفن الجثة ، ليذهل الرجل ويظنوا بأن هناك بعض اللصوص البعابثون بالمقبرة ، فقد كانت نعوش الفتاتين مضطربة وفي حالة فوضى كبيرة داخل المقبرة ، أحد النعشين لماري كان موضوعًا بجانب الحائط ، حيث تمت إزاحته عن موضعه ، في حين استقر نعش دوركاس واقفًا بشكل مستقيم إلى جوار الحائط !
قام الرجال بإعادة النعوش إلى أماكنها مرة أخرى ، على الرغم من عدم إزاحة البوابة الرخامية من مكانها ، والتي تحتاج إلى عدة رجال لفعل ذلك ، إلا أنهم أعادوا كل شيء إلى ما كان عليه وانصرفوا .
جلبت تلك القصة العديد من الفضوليين ، من السكان المحليين للتجول حول المقبرة سيئة السمعة ، حيث أقر البعض بأنهم قد سمعوا من داخل المقبرة ، أصوات عواء ذئاب وهمهمات وصراخ ، فانتشر الخبر بكافة أنحاء الجزيرة ، لتحصل المقبرة على سمعتها الشهيرة بالشؤم .
ظلت المقبرة مغلقة لأربعة أعوام أخرى ، حتى توفى الطفل تشارلز آمس ، وهنا فتحت المقبرة ، ليجد الرجال التوابيت مبعثرة هنا وهناك ، حتى النعش الثقيل للسيد توماس تشيس قد نقل من موضعه ، وهنا تم إعادة كل شيء إلى موضعه ، وأغلقت المقبرة بعدما دفن آمس إلى جوارهم .
تكرر الأمر في كل مرة يتم فيها فتح المقبرة لدفن أحد الأشخاص ، ووصل الأمر لحاكم باربادوس ، فقرر أن يستكشف الأمر بنفسه ، فهبط يفحص المقبرة ، وأمر بوضع الرمل الأبيض على الأرض لكشف المقتحم العابث ، وكذلك وضع طبقة أسمنتية ثقيلة على الباب الرخامي ضمانًا لعدم إزاحته بسهولة ، كما قام بوضع ختمه الخاص عليه ، ليعرف إن تم التلاعب بالمقبرة .
ظل القبر مغلقًا لثمانية أشهر ، حتى قرر الحاكم أن يتفحص المكان ، فأخذ عدد من رجاله وذهبوا إلى المقبرة ، وبمجرد أن رأى الباب وعليه الختم كما تركه ، اطمأن قليلاً ، ولكنهم جميعًا كانوا في حالة ترقب لما يوجد بالداخل .
وفي هذه المرة كان الوضع بالداخل أسوأ من أي مرة ، فكانت النعوش منكسرة ومزاحه عن وضعها بشكل ملفت للغاية ، كما أن نعش السيد توماس كان يسد الباب من الداخل ، ولم توجد أية آثار لأقدام على الرمال ، ومع تلك الاكتشافات لم تتحمل عائلة تشيس ما يحدث ، فقاموا بنقل موتاهم إلى مقابر أخرى ، وظلت مقبرة تشيس مغلقة حتى يومنا هذا .