تتعدد روايات حضور الجن ، بعضها حقيقي والآخر لا يتعدى كونه مجرد خيال خصب ، إما أن يكون الشخص قد رآهم رأي العين ، أو أنه قد استشعر وجودهم . الرواية التالية يرويها لنا ، خضر من مصر ، وهي قصة ذات أحداث واقعية .
يقول خضر أنه في المرحلة الإعدادية ، وهي مرحلة تأسيسية من التعليم ، ذهب خضر إلى إحدى المدارس الداخلية ، نظرًا لظروف خاصة مرّت بها أسرته ، ولسوء حظه ، كانت المدرسة التي التحق بها خضر تحمل تاريخًا سيئًا للغاية ؛ حيث يٌروى أنه فيما مضى ، قد انتحر أحد مديري ، تلك المدرسة نظرًا لتعرّضه لحادث أليم ، أودى بسمعته وسط طلابه وزملائه ، فقرر وقتها إنهاء حياته والتخلص مما يؤرقه ، بالانتحار شنقًا داخل المدرسة
أٌغلقت المدرسة لفترة من الوقت ، ثم أٌعيد فتحها مرة أخرى عقب هذا الحادث ، وكان خضر شغوفًا جدًا بقصص الرعب ، والجن والأشباح ، وطوال الوقت يشاهد أفلام العرب من هذا النوع ، ثم يذهب لزملائه ويحكي لهم الأحداث بشغف شديد ، ويستمتع برؤيتهم مرتعبون .
وفي أحد الأيام وعقب أحد المعسكرات الرياضية ، أنهى خضر تدريبه اليومي وذهب إلى الحمام ليأخذ حمامًا دافئًا ، وما أن دلف خضر إلى الحمام ، حتى بدأ في سماع أصوات طرق متتابعة على أبواب الحمامات المجاورة له .
ظن خضر أن هناك من يمزح معه من رفاقه ، فصاح قائلاً لست خائفًا ، بمجرد أن أنهى خضر جملته وإذا بالطرق ، ينتقل من الأبواب إلى نوافذ الحمامات ، تلك النوافذ التي ترتفع عن الأرض لأكثر من خمسة أمتار ولا يستطيع أحد الوصول إليها بسهولة ، شعر خضر بالارتعاب الشديد ثم انطلق هاربًا من المكان دون حتى أن يأخذ باقي ثيابه أثناء خروجه .
آثر خضر الصمت ولم يتحدث مع أحد حول الأمر ، ولكنه كان يرغب في الحصول على ثيابه من الداخل ، فاتجه إلى صديقيه المقرّبين وسرد لهما ما حدث ، بالطبع لم يصدقه أيًا منهما في الحال ، ولكن نظرات الفزع بعينيه دفعتهما لاتخاذ القرار ؛ سوف يذهبون جميعًا إلى الحمام ويحصلون على الملابس ، وويل له إذا كان يكذب عليهما .
بالفعل انطلق الأصدقاء الثلاثة وذهبوا إلى الحمام لإحضار الثياب ، وما إن دخلوا جميعًا حتى سمعوا أصوات الطرق المتتالية على أبواب الحمامات من الداخل ، ثم انتقل الطرق إلى النوافذ كما حدث بالمرة الماضية ، وبشكلٍ مفاجئ ، انفتحت صنابير المياه عن آخرها ، فصرخ الشباب وفرّوا هاربين في الحال .
بعد مرور تلك الأحداث ، تبدل حال خضر ، فكف عن قراءة قصص الرعب ، أو مشاهدة الأفلام من تلك النوعية ، وصار خائف من دخول الحمام وحده ، خاصة أثناء الليل ، مرّت العديد من الأيام وقضاها خضر ، بين النوم المتواصل أو شعوره بالإرهاق الشديد .
وفي أحد الأيام نهض خضر من فراشه وجلس أمام مكتبه يتصفح الإنترنت ، وفجأة أٌغلق جهاز حاسوبه ، دون أن يفعل هو ذلك ، فاندهش خضر ، ثم بدأ يرتعب رويدًا رويدًا ، خاصة بعد أن أضاءت الشاشة من تلقاء نفسها مرة أخرى ، وظهر بها رجل أسود اللون ، نحيف جدًا ، ويزحف على أربع مثل القطط ، أثناء ذلك الوقت ، لفت نظر خضر وجود قطعة من الحديد تشبه العصا فوق فراشه ، ولا يعرف حتى ما مصدرها ، وبمجرد التفاته وجد الشخص الأسود واقفًا أمامه .
دفع الرعب الشديد خضر بأن يرفع العصا ويضرب بها الرجل ، الذي ما إن اصطدمت به العصا ، حتى تحول فجأة إلى رماد تساقط على الأرض ، وفقد خضر وعيه لفترة لا يعرف مداها ، نهض خضر متسائلاً إن كان ما قد مرّ به حقيقة أن حلم .
وفي تمام الثانية عشر مساءً ، سمع خضر همسًا يردد مرتان سأنتقم منك الآن ، وفي هذا الوقت بدأت المرآه داخل غرفته في الاهتزاز ، ثم تشقتت بشكل قوي وتناثرت شظاياها أرضًا ، وبدأ خضر يسمع صوت همس لأطفال ونساء ورجال ، يحيط به من كل جانب ، وبعد أن تشقق المرآه عادت مرة أخرى سليمة !
ثم بدأ ستار الشرفة في الحركة ، وتأخذ شكلاً مجسدًا وكأن خلفها شخص ما ، فسقط خضر فاقدًا للوعي مرة أخرى ، فيما بعد ، ذهب خضر إلى أحد الشيوخ الذي أوضح له ، بأنه أذى مارد عندما ضربه بالعصا عند رؤيته ، وأن تجربة المدرسة الداخلية هي ما حررت هذا المارد ، وعلاجه يمكن في الرقية الشرعية حتى لا يتعرض للأذى .