كان كعب بن الأشرف ، من أكثر اليهود حنقًا على دين الإسلام ، وكان من أشهد الناس إيذاءًا للنبي محمد ، صلى الله عليه وسلم ، حيث كان من المحرضين على حرب رسول الله ، وقد كان من إحدى قبائل بني نبهان ، وهي قبيلة طيء ، وكانت أمه من قبيلة بني النضير ، عرف عن الثراء الواسع ، والوسامة الفريدة ، وكان شاعرًا من شعراء العرب النابغين .
كان كثيرًا ما يهجو الإسلام والمسلمين في أشعاره ، وكان إذا علم بانتصار المسلمين على الكفار ، يحزن أشد الحزن ، ويبدأ في السب على جميع المسلمين ، ويعلن الحرب ، والإيذاء تجاههم ، كما كان يمدح أعداء المسلمين في كل وقت ، ظنًا منه أنه بذلك يثأر منهم ، ولم يكن يعلم أنه لا يؤثر ما يقوله ، وما يفعله في المسلمين من شيء ، فإن الله معهم أينما كانوا ، وأن رفعة كلمة لا إله إلا الله ، هي الحق ، الذي دومًا ما يسعون إليه .
لما علم كعب بن الأشرف في إحدى المرات ، بانتصار الإسلام ، والمسلمين ، على صناديد قريش ، في غزوة بدر ، وأنهم تمكنوا من قتلهم ، اشتاط غيظًا ، ولما تيقن من ذلك الخبر ، بلغ الغضب لديه ذروته ، وذهب إلى قريش ، وأخذ يبكي من ماتوا منهم على يد المسلمين ، ويكتب إليهم قصائد مدوية من الرثاء ، وكان من الواضح في قصائده أنه يكن الحقد ، والضغينة الشديدة ، على رسول الله ، والمسلمين كافة .
لما كان كعب بن الأشرف في مكة ذات يوم ، سأله المشركون بلسان أبي سفيان ، وقال : ” أيهما أحب إليك يا كعب بن الأشرف ؟ أهو ديننا ؟ أم دين الإسلام ؟ دين محمد وأصحابه ؟ وأي الفريقين من وجهة نظرك أهدى ؟ ” فرد كعب قائلًا : ” بل أنتم يا أبا سفيان ، فإنكم أهدى سبيلًا منهم ، وأفضل ” ، ومن هنا نزل قول الله ، جل علاه ، في كتابه العزيز : ” ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلًا ” .
لم يكتف كعب بذلك ، بل إنه يشبب خلال قصائده ، بنساء الصحابة ، فكان كثير الإيذاء لهن بلسانه ، ومن ثم جاء النبي محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وقال لصحابته : من منكم لكعب بن الأشرف ؟ حيث أنه قد أذى الله ، وأذى رسوله ، والمسلمين ، والمسلمات كافة ، فانتدب محمد بن مسلمة له ، وكذلك عباد بن بشر ، ومعهم أبي نائلة ، والذي كان يدعى سمكان بن سلامة ، وكان هو أخو كعب بن الأشرف في الرضاعة ، وانضم إليهم ولحارث بن أوس ، ومعه أبو عبس بن جبر ، وصمموا على قتال كعب ، وبذلك تم الانتهاء من إيذائه .