كم من مبنى تم هجره ، وسط الظلام ليصبح مرتعًا مليئًا بالأشباح ، والحكايات التي لا تنتهي ، كم من مبنى ظل واقفًا شامخًا كما هو ، ولكنه يبعث الآن وحشة ، وقبضة بالقلب بعد أن كان صرحًا ضخمًا يعج بالحياة ، والحركة من بني البشر .
البداية ..
في مدينة ليوفيل الأمريكية ، أقيمت مصحة ضخمة ، مكونة من خمسة طوابق ومبنى غاية في الضخامة ، وكانت هذه المصحة قد أقيمت من أجل مرضى السل ، ذلك المرض المميت قبل سنوات طويلة ؛ حيث لم يكن له علاج آنذاك ، وكان من الأمراض المستعصية ، التي لم يكن الطب في هذا الوقت قد وجد له المضادات الحيوية المناسبة للقضاء عليه. وانتشر هذا المرض في جميع أنحاء العالم ، وأباد الكثيرون ممن لم يستطيعوا القضاء عليه .
وكان من المعتاد آنذاك أن يجلس المرضى في راحة تامة ، ويتعرضون للشمس مباشرة ، لذلك كانت تقام المصحات وقتها في الأرياف وبعيدًا عن المدن وتلوثها ، ومن أشهر المصحات التي تم تشييدها لهذا الأمر مصحة ويفرلي هيلز ، عام 1910م ، في ريف ولاية كنتاكي بأمريكا ، وكان البناء قد تم تشييده على أنقاض مدرسة قديمة ، يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر .
وتوسع المشفى عقب عودة الجنود ، إبان الحرب العالمية الأولى ، وإصابة العديد من الجنود بالمرض وتفشيه بينهم ، وكانت لمدينة ويلفل هذه النصيب الضخم من الإصابات ، بسبب وجودها بين عدد من المستنقعات المنتشرة بها ، التي ساهمت في خلق بيئة مناسبة للمرض ، لذلك أصدرت الحكومة قرارًا بتوسعها ، لاستيعاب أكثر من أربعمائة مريض .
أحداث مريبة ..
كانت وسائل علاج المرض قديمًا ، بدائية وفقيرة للغاية ، حيث كانوا الأطباء يسحبون المرضى على أسرتهم ، ويضعونهم في الهواء النقي الطلق ، من أجل إعطاء مساحة للرئتين بالانفتاح والتضخم لاستيعاب المزيد من الهواء ، وبالفعل تعافى العديد من المرضى ، ولكن في المقابل توفى الكثيرون منهم .
وفي بعض الأحيان ، كانوا الأطباء يستخدمون المرضى كمفئران تجارب ، فخلع البعض منهم أضلاع للمرضى من أجل السماح للرئة بالتمدد! واتجه آخرون لفتح صدر المريض لاستيعاب الهواء ويتركونه مكشوفًا بالهواء ، وكانوا يتخلصون من الجثث بسحبها عبر نفق طويل ، أسفل المشفى وينتهي عند التل ، ويكدسون الجثث فوق بعضها في عدم احترام ، وقد تتعرض الجثة للسحل ، مما سمح للعديد من الروايات المريبة حول هذا النفق بالبزوغ .
ومع انحسار المرض خلال فترتيّ الثلاثينات والأربعينات ، تم تغيير طبيعة عمل المشفى ، وتحويله إلى دار ضخم لرعاية المسنين ، وعلى مدار عقدين من الزمان ، طالت سمعة سيئة هذا المكان ، فقال البعض أن هناك تجارب سرية تجرى على المرضى ، وآخرون قالوا أنه قد تم إيذاء المسنين به ، ولكن الحقيقة أنه تم إغلاق هذا المكان عام 1981م ، وفقًا لما تم كشفه من تعذيب للمرضى به .
وروى العديد من الأشخاص أنهم قد شاهدوا أشباحًا داخل هذا المبنى ، فقد أقر أحد الزوار بأنه قد رأى شبحًا لطفلة تُدعى ماري ، تركض بين ممرات المشفى ، وشبح الطفل بوبي الذي يرك خلف كرته ، بالإضافة إلى أصوات بكاء هستيرية ترج المكان ، وضحكات أخرى مجلجلة تتردد في جنباته ، وشبح الطباخ الذي يجر عربة بها خبزًا ، تستطيع أن تشم رائحته المميزة وكأنه قد تم خبزه للتو !
لم تقف رؤية الأشباح عند هذا الحد ، بل رأى البعض سيارة نقل الجثث السوداء ، يخرج منها رجلان يقومان بنقل بعض الجثث إلى السيارة ، كما كان يحدث منذ قرنين منصرمين ، ولكن لا توجد حياة الآن أو جثث يمكن نقلها !
ولا يقل الطابق الرابع عن غيره في مشاهدات الأشباح ، فقد أقسم زوار المكان الأكثر شهرة في العالم بأنه مسكونًا بالأشباح ، بأن هناك أطياف بيضاء تظهر وتختفى في العدم ، ولم تقف رؤية الأشباح عند هذا الحد .
فالغرفة 502 هي أشهر الغرف رعبًا بالمبنى ، حيث كانت تسكنها إحدى الممرضات عام 1928م ، وفي أحد الأيام وجد المسئولون عن المبنى تلك الممرضة مشنوقة في غرفتها ، وبالتحقيق تبين حملها وأنه توفت منتحرة .
ولكن عقب ذلك بعام واحد ، انتحرت ممرضة أخرى في نفس الوقت من العام التالي ، وأقر الزوار بأنهم قد شاهدوا ممرضة تدخل إلى تلك الغرفة ، وعندما لحقوا بها لم يجدوا أحدًا بالداخل ! وحتى الآن ، يقر العديد من الزوار بأنهم قد رأوا أشبحًا داخله .